لحظة يأس !
فجأة
وجد نفسه هناك ، حيث لم يكن أحداً سواه والظلام الدامس لا يكاد يميز فيه شيئاً ولا
يشعر إلا بحنايا روحه المرتجفة ، هو خائف ، غاضب ، متردد ، تغزو أفكاره المجنونة
أعماق كيانه ، تارة يفكر بأمل في النجاة وتارة تنهار كل أحلامه ويقرر الاستسلام
لناقوس الخطر، لا يعلم شيء سوى أنه يقع تماماً في المجهول المميت ، يحاول أن يبتسم
قليلاً ويقنع نفسه بأن الأمور على ما يرام ولا داع للقلق لعل ذلك يخفف عنه من حدة
الألم كما كان يقول له جده قبل أعوام
طويلة !
هو
الآن أصبح شاباً قوياً ولم يعد بحاجة لوصايا جده من العصر القديم تلك ، هكذا يفكر
الآن في محاولة يائسة منه لاستعادة قوته ، يلتفت ببطء للخلف ثم يمشي خطوة للأمام ،
ينظر يميناً ، يساراً ، يصيبه الإحباط ، فيصرخ بوحشية إلى أين المسير الآن ؟!
يسمع
صدى صوته المشبع بالآهات ، فيرتجف منه ويهاب الظلام أكثر ، يقف حائراً من جديد
بعيون أرهقت تماماً !
رغم
هول ما فيه لم يكف عن التفكير في ابنته الصغيرة ، ربما تحتاجه الآن لزرع قبلة على
جبينها قبل النوم وأمنية بأحلام سعيدة ، آه وكيف تنام وهي ما زالت في الشارع بين
غرباء عنها وربما حصل معها أمر خطير هل يعقل أنها خطفت و يفكر الخاطف الآن في
قتلها ، ينهار تماماً ويبكي بإجهاش فابنته
في خطر هكذا يتراود لذهنه ، يجلس في زاوية ويتقوقع حول نفسه في البرد القاسي ، يبكي عليها
بدموع تحرق وجنتيه ، يردد ما ذنبك يا صغيرتي ؟! ، صوت من بعيد يسمعه الآن ، يلملم
ما تبقى من ذاته المنهكة ويقف يقول بصوت نابض بالأمل ، هل من أحد هنا !
عطر الماضي "رواية لم تخرج للنور بعد"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق