تارة
أظن أني كل شيء له وأحياناً أخرى أيقن بأنني لا شيء في حياته ، ضائعة أنا في روايات
منقوشة بين خفايا أكف القدر أسير فيها بلا بوصلة لطريق ليس له نقطة بدء أو حتى ختام
، لا أدري ما الذي ورطني في قصة ما زلت أجهل من أكون فيها ، كلما حسبت بأنني
أخيراً سألملم أشلائي وأرحل إلى وطن آخر ينقذني من هذا الوجع اللا مبالي وجدت نفسي
مشتبكة به إلى حدود اللا وعي !
سألته
يوماً وأنا في قمة مللي منه ، تُرى من أنا
لك ، فابتسم بلطف بين أوراق عمله المنثورة في كل مكان وقال "أنتِ المستقبل ، لن
أكبر إلا معك ، أثق بأنك ستكونين ساحرة كما أنتِ الآن " ، لم تسعدني إجابته
هذه رغم أنني كنت أنتظرها طويلاً منه ، لكنني
الآن أجهل إن كان بمقدوري أن أمضي ما تبقى من عمري غارقة معه في حالة قاتلة من الشك ، أكره
محاولاته الاستفزازية لإثارة غيرتي عليه ، تجعلني أخافه كثيراً وتتشرب كل ثقتي
التي منحتها له ، فأصمت طويلاً معه ولا أفكر إلا بالهرب منه فيعود جاثياً يطلب
رضائي ، فأنظر إلى عينيه والحزن يحتل كياني لأرى فيهما قدري فأيقن بأن نهايتي لن
تكون إلا معه وحده ، فالبعد عنه سيخنقني !
غريبة
جداً علاقتي معه ، أعشقه كما لم تعشق امرأة رجل ، وأحب وجوده الدائم بالقرب مني وأطمئن
كثيراً بخوفه علي لكنني أحياناً أكره عصبيته
حين أناقشه في أمر أظنه صواباً ويظنه خطأ ، فلا يوضح لي حتى سبب رفضه ، يعاملني وكأنني
شيء من ممتلكاته ولست شريكته ، يخطط لكل شيء ويخبرني بذلك بعد أن ينتهي من إعداد
أدق التفاصيل ، يطلب يدي من والدي دون
علمي مع أنني أعلمته سابقاً بأنني ما زلت بحاجة لقليل من الوقت لإنهاء دراستي ، ويحدد
يوم الزفاف ويختار لي خاتمي ، ثم يشتري بيتاً خارج حدود الوطن دون رأيي ، لكنني
رغم هذا أحبه ، أواجه صعوبة في فهمه أحياناً وأغضب مما يفعله كثيراً ، لكنني ما أن
أنظر إليه أدرك تماماً بأنه الكون لي !
هو يدرك
جيداً بأني لن أعشق يوماً رجل سواه ومع ذلك يثار غضباً حين يحدثني أحدهم ، فينقلب
كلياً ويصير شخصاً آخر يكتم شحنات غيظه بقسوة ، قبل شهر حادثته لكي أدعوه لحفل
تكريم لي ، فاعتذر لي بحجة مقابلة عمل جديدة لديه ، فأبلغته أمنياتي بالتوفيق ،
قاطعني ، سيكون والدك بقربك لذا لن أخاف عليكِ يا أميرتي ، فقط كوني حذرة من
مخاطبة الغرباء ، قلت له :"لن يحضر" ، فاستفز كثيراً ، وكان في الحفل
أول الحاضرين !
مقتبس
من رواية عطر الماضي !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق